مدخل
----------
حان موعد مراجعتى للاخبار التى سوف تنشر غدا فى جريدة الصباح .. بحكم عملى كمدير تحرير يتوجب على متابعة كل الاخبار و المقالات التى سيتم نشرها فى الجريدة القاهرية التى اعمل بها منذ 5 سنوات .. لم يكن هناك مفاجئات كثيرة اليوم .. الاخبار المعتادة عن مناظرات ساخنة تجرى بين مرشحى الحزبين فى الانتخابات الرئاسية التى اقترب ميعادها .. و اخبار عن البورصة توحى بتحسن مستمر بعد فترة من الكساد نتيجة الازمة الاقتصادية التى تعرض لها الاتحاد العربى .. جدل يشتد يوما بعد يوم حول مشاكل المهاجرين فى مصر .. و اخبار رياضية خفيفة عن بعثة المنتخب الاول لكأس العالم قبل النهائى المرتقب مع الهند
طلبت فنجانا من القهوة وجلست استريح بعدما ارسلت الجريدة للمطبعة .. انبئنى السكرتير بأن الاستاذ / ______ قد وصل حسب ميعاد مسبق .. لم اكن اعرفه وقال لى السكرتير انه ليس صحفيا على ما يبدو .. توقعت ان يكون احد هؤلاء الباحثين عن الاضواء الذى بدا لى و كأنهم يأتون مع الوظيفة
اخذت افكر فى غرابة الظواهر المصاحبة للمجتمعات بعد المتقدمة .. فلم انتبه الا على صوته وهو يقف امامى محاولا لفت الانتباه .. اصابتنى الدهشة حين وجدت امامى رجلا لا يمكن ان يقل عمره عن ثمانين عاما بأى حال .. اسرعت بالاعتدال راجيا اياه ان يجلس ومعتذرا عن عدم انتباهى
سألته ماذا يشرب .. فطلب قهوة سريعة التحضير .. بدون لبن .. استغربت الطلب فلم يعد احد يشرب مثل هذة الاشياء الان .. لكنى طلبت من السكرتير بلهجة امرة ان يحضره فورا من اى مكان .. كان شعور الرهبة الذى اتعامل به طبيعيا فالرجل فى الثمانين وانا لم اكمل الاربعين بعد
تحاورنا فى اشياء عادية لفترة .. ثم بدأ التعب يتسلل الى و تمنيت لو استجاب لتلميحاتى المستمرة واخبرنى بما يريد .. اخرج هو لفافة تبغ يبدو عليها انها صنعت منذ الاف الاعوام .. واستأذن فى التدخين . فوافقت على مضض وقمت تشغيل جهاز تنقية الهواء من جهاز التحكم .. احس بمللى فبدأ يسرد ما اتى من اجله
جئت اليك لتساعدنى فى نشر كتابى .. قالها بجدية شديدة .. ولو لم اسمع هذة الجملة الاف المرات لظننت اننا رجلا اعمال على وشك اتمام صفقة .. ابتسمت ابتسامة باردة و لسان حالى يقول .. حتى انت ايها العجوز تسعى للشهرة .. ياله من مجتمع مجنون
وكانما قرأ افكارى .. فغير من وضعه مقتربا و قال بلهجة ابوية : مهلا ياولدى .. لا تتسرع .. لست ابحث عن الشهرة فانا اعرف الحياة بدونها .. ولا المال فلا حاجة لى اليه .. ولكن حكايتنا يا ولدى لا بد ان تعرف .. اعرف ان الناس لن يفهمونا .. ولكنه طلبنا الاخير
بدأت مساحات الشك تقل بصعوبة داخلى و احسست بحس الصحفى انى مقبل على خبر جديد .. ربما حكاية تكشف مدى قسوة المجتمع بعد المتقدم .. او فساد احد المنظمات .. وقررت ان استمع له جيدا .. فلن اخسر شيئا على اى حال .. وخاصة ان البيت خالى وزوجتى مع الاولاد فى رحلة خارج البلاد ........ و
يتبع
